responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 207
وَذَيَّلَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا أَيْ كُلُّ مَا ذُكِرَ مِنَ السَّقْفِ وَالْمَعَارِجِ وَالْأَبْوَابِ وَالسُّرُرِ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مَتَاعُ الدُّنْيَا لَا يَعُودُ عَلَى مَنْ أُعْطِيَهُ بِالسَّعَادَةِ
الْأَبَدِيَّةِ وَأَمَّا السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةُ فَقَدِ ادَّخَرَهَا اللَّهُ لِلْمُتَّقِينَ وَلَيْسَتْ كَمَثَلِ الْبَهَارِجِ وَالزِّينَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي تُصَادِفُ مُخْتَلَفَ النُّفُوسِ وَتَكْثُرُ لِأَهْلِ النُّفُوسِ الضَّئِيلَةِ الْخَسِيسَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمرَان: 14] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَمَّا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ فَتَكُونُ إِنْ الَّتِي قَبْلَهَا مُخَفِّفَةً مِنْ (إِنَّ) الْمُشَدَّدَةِ لِلتَّوْكِيدِ وَتَكُونُ اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى لَمَّا اللَّامُ الْفَارِقَةُ بَيْنَ (إِنْ) النَّافِيَةِ وَ (إِنْ) الْمُخَفَّفَةِ وَ (مَا) زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَهِشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ لَمَّا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَهِيَ لَمَّا أُخْتُ (إِلَّا) الْمُخْتَصَّةِ بِالْوُقُوعِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَكُونُ إِنْ نَافِيَةً، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَا كَلُّ ذَلِكَ إِلَّا مَتَاعُ الْحَيَاة الدُّنْيَا.
[36]

[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 36]
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)
ابْتُدِئَتِ السُّورَةُ بِالتَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ وَوَصْفِهِ بِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَبَيَانٌ لِلنَّاسِ، وَوَصْفِ عِنَادِ الْمُشْرِكِينَ فِي الصَّدِّ عَنْهُ وَالْإِعْرَاضِ، وَأَعْلَمُوا بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَتْرُكُ تَذْكِيرَهُمْ وَمُحَاجَّتَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ يَدْعُو بِالْحَقِّ وَيَعِدُ بِهِ.
وَأَطْنَبَ فِي وَصْفِ تَنَاقُضِ عَقَائِدِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَسْتَيْقِظُونَ مِنْ غِشَاوَتِهِمْ، وَفِي تَنْبِيهِهِمْ إِلَى دَلَائِلِ حَقِّيَّةِ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْقُرْآنِ، وَفُضِحَتْ شُبُهَاتُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا تَعْوِيلَ لَهُمْ إِلَّا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُمُ الْأَوَّلُونَ الضَّالُّونَ، وَأُنْذِرُوا بِاقْتِرَابِ انْتِهَاءِ تَمْتِيعِهِمْ وَإِمْهَالِهِمْ، وَتَقَضَّى ذَلِكَ بِمَزِيدِ الْبَيَانِ، وَأَفْضَى الْكَلَامُ إِلَى مَا قَالُوهُ فِي الْقُرْآنِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ بِقَوْلِهِ: وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هَذَا سِحْرٌ إِلَى قَوْله عَظِيمٍ [الزخرف: 30، 31] ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنَ التَّكَمُّلَاتِ، عَادَ الْكَلَامُ هُنَا إِلَى عَوَاقِبِ صَرْفِهِمْ عُقُولَهُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست